منصة "مدارس"- نافذة التعليم الخاص والعالمي نحو تنافسية وجودة أشمل

المؤلف: عبداللطيف الضويحي10.13.2025
منصة "مدارس"- نافذة التعليم الخاص والعالمي نحو تنافسية وجودة أشمل

يثير البعض جدلاً حول النقطة المحورية في معضلة التعليم، ويذهبون إلى أن جوهر المشكلة يكمن في المعلم نفسه، فلو حظي المعلم بالتأهيل الأمثل، ونال حقوقه كاملة غير منقوصة، لتحولت نتائج العملية التعليمية إلى إنجاز باهر، ولكانت مخرجات التعليم مدهشة ومثمرة. بينما يرى فريق آخر أن جذر المشكلة التعليمية يكمن في كون التعليم هو المحرك الأساسي لعملية التنمية الشاملة، ومن هذا المنطلق، أصبح التعليم مثقلاً بمتطلبات جمة وتوقعات تفوق القدرات البشرية والموارد المالية المتاحة لجهاز مركزي ذي صلاحيات وإمكانات محدودة. في المقابل، يتوجه سيل من الانتقادات نحو المؤسسة التعليمية الرسمية، متهمين إياها بعدم الصبر على نتائج التغييرات والإصلاحات التي تقوم بها، وباستعجال قطف الثمار قبل أوانه، فما تكاد وزارة التعليم تشرع في تطبيق تجربة جديدة حتى تتوقف عنها دون انتظار اكتمال نتائجها وتقييمها بشكل دقيق، ثم تنتقل إلى تجربة أخرى، وثالثة، وذلك في خضم التسارع الهائل في التحديات التي تفرضها المرحلة الراهنة، مما يجعل التعليم في سباق محموم مع التقنيات الحديثة والمفاهيم التعليمية والتربوية المستجدة من جهة، ومتطلبات سوق العمل المتزايدة من المهارات والمعارف والقدرات من جهة أخرى.

وثمة فريق آخر يرى أن التعليم الخاص والتعليم الدولي لديهما القدرة الكامنة على التطور والنمو الذاتي إذا ما أتيحت لهما الفرصة للعمل في بيئة تنافسية طبيعية وصحية، فالمستثمرون سيجدون أنفسهم مضطرين لتقديم تعليم رفيع المستوى إذا ما شعروا بوطأة المنافسة الشديدة، ولا شك أن المستوى الرفيع للتعليم في القطاع الخاص والتعليم الدولي سيؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على مستوى وجودة التعليم الحكومي. إن أفضل سبيل لجني ثمار التعليم الحكومي الجيد هو أن يعمل جنباً إلى جنب مع التعليم الخاص والتعليم الدولي والتعليم غير الربحي في سوق موحدة، وأن تتلاقى الخبرات والتجارب من جميع قطاعات التعليم الحكومي والخاص والدولي وغير الربحي في ساحة تنافسية واحدة، مع إبقاء وزارة التعليم متيقظة وحريصة على تمكين التعليم الحكومي وإيجاد التشريعات والآليات التي تضمن تبادل الخبرات بين مختلف قطاعات التعليم، مع مراعاة التعليم الخاص والدولي للثوابت الوطنية والدينية واللغة العربية، ورصد أفضل الابتكارات في تعليم اللغة العربية ونشرها وتعميمها على نطاق واسع.

لقد حظيت بشرف حضور حفل إطلاق وزير التعليم «منصَّة مدارس» الأسبوع الماضي، وهي منصة تهدف إلى دعم المدارس الأهلية والعالمية وتمكين هذا النوع من التعليم، باعتباره خياراً فعالاً ومحركاً للعملية التعليمية، مع الأخذ في الاعتبار إمكانية الارتقاء بجودة التعليم من خلال خلق بيئة تنافسية محفزة بين المدارس في القطاع الخاص والقطاع الدولي، وبما ينعكس إيجاباً على جودة المخرجات التعليمية، ويخفف العبء والضغط على المدارس الحكومية.

من المتوقع أن تسهم هذه المنصة في مساعدة أولياء الأمور على اتخاذ قرارات مستنيرة وواعية عند اختيار المدارس المناسبة لأبنائهم، وذلك من خلال المفاضلة المدروسة والواعية بين الخيارات المتاحة من المدارس في مختلف قطاعات التعليم العام والخاص والدولي وغير الربحي، حيث من المفترض أن تصب كل هذه المعطيات في مصلحة التعليم ككل، والأجيال القادمة والمستثمرين على حد سواء، بالإضافة إلى إسهامها في بناء أجيال مؤهلة علمياً وأخلاقياً وقيمياً، قادرة على مواكبة التطورات المتسارعة والمنافسة العالمية.

من الأهمية بمكان أن يواكب دور وزارة التعليم هذه المستجدات والتطورات، بحيث تحافظ الوزارة على يقظتها وسعيها الدائم لإيجاد التشريعات ووضع الآليات التي تضمن أن يؤدي التعليم الخاص والدولي دوراً فعالاً ومباشراً وغير مباشر في تحفيز المدارس الحكومية وتطوير مناهجها وطرق التدريس ورفع كفاءة بنيتها التحتية، لتبقى قادرة على تقديم تعليم عالي الجودة والمنافسة، مع التأكيد على ألا يأتي التعليم الخاص والدولي على حساب التعليم الحكومي بأي شكل من الأشكال.

كما أنه من الضروري أن يتضاعف دور الوزارة في دعم وتمكين التعليم الحكومي لكي يعمل بمرونة تضمن توفير بيئة حاضنة وصحية للابتكارات في طرق التدريس والمناهج، بما يحقق قدرة المدارس الحكومية على تبني الأساليب المبتكرة والتوسع فيها بعد التأكد من نجاحها، وضمان تمكين المعلمين والطلاب في المدارس الحكومية من الارتقاء بقدراتهم التنافسية وبجدارة واقتدار عالٍ في مواجهة التعليم الخاص والدولي والتعليم غير الربحي، بهدف الوصول إلى أفضل الممارسات التعليمية في جميع القطاعات والمراحل التعليمية.

ختاماً، يمكن القول إن وزارة التعليم تخطو بهذه المبادرة خطوة جريئة نحو مرحلة جديدة ومختلفة، تستحق الإشادة والتقدير لما لها من تأثيرات إيجابية على جميع قطاعات التنمية في عصر تتصاعد فيه المنافسة الشرسة في الأسواق المحلية والعالمية لاستقطاب العقول والكفاءات البشرية المؤهلة والمدربة، ويبقى على الوزارة أن تضطلع بدورها الحيوي في إيجاد آليات تضمن عدم تأثير المناهج الأجنبية سلباً على قيم وثقافة الأجيال القادمة من أبنائنا وبناتنا، وعدم استنزاف الكفاءات الوطنية، بالإضافة إلى وضع آليات تضمن الحفاظ على أسعار معقولة ومنطقية للتكاليف التعليمية والرسوم الدراسية، لتكون في متناول أغلب فئات المجتمع إن لم يكن الجميع، فالتعليم الجيد يجب ألا يكون حكراً على الميسورين مالياً فقط، إذا أردنا تكافؤ الفرص للجميع.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة